حضرة المحترم هي الرواية الوحيدة لنجيب محفوظ وربما في مصر كلها التي عبر فيها عن حال الموظف الحكومي، وإن جاءت في أسلوب شخصية سيكوباتية مثل بطل الرواية، لكنه عبر عن الموظف الحكومي الخارج من بيئة متواضعة وظروف طفولة قاسية، جعلته طوال الرواية يحاول الخروج من بيئته ليصل لمستوى أعلى مهما كلفه ذلك من عناء، فنجدة يقول على قبر والديه (عهد الله أن أنقلكما إلى قبر جديد إذا حقق الله آمالي..).
أفتتح نجيب محفوظ روايته بفتح باب المدير ليدخل منه إلى عالم الرواية، عالم عثمان بيومي، الذي أنبهر منذ الوهلة الأولى بموكب الإدراة وتمنى مثله، قبل حتى أن يعرف تفاصيل وظيفته، وأنشغل طوال الرواية بذلك الحلم، لتنتهي الرواية بحصولة فعلا على الكرسي لكنه لم يجلس عليه لأن العمر كان أسبق منه، فقد عبر عن نفسه أو وصف حاله بقوله (الأمل طويل والعمر قصير والماضي حقير).
كان من شدة إعجابة بالإدارة أنه تخيل المدير إله قابع وراء المكتب، وتخيل نفسه أنه دخل أخيرا في تاريخ الحكومة وله كل الفخر.
وفي سبيل حلمه الذي أعتبره حلم العمر، عمل خطة دقيقة كتبها في ورقة ليذاكرها كل صباح قبل ذهابه إلى العمل، وحصل على الشهادة العليا أثناء العمل.
لم يعرف أو لم يهتم بالأحداث الجارية باعتبار ( إن حياة الإنسان الحقيقية هي حياته الخاصة التي ينبض بها قلبه كل لحظة) رغم أن (الإهتمامات السياسية تثيره وتدهشه لكنه يصر على عدم الإكتراث بها).
ودرس اللغات جيدا حتى صار مترجما في الشركة.لم يتردد لحظة في تلبية أي طلب لمدير له، طالما أن هذا الطلب لم يصل لدرجة المال، فكان شديد الحرص على الإدخار.
وتخلى عن الفتاة التي أحبها ليبقى أعزب طوال شبابة، بحث عن عروس ذات مركز اجتماعي يرفعه، لكنه لم يجد. وليتزوج في نهاية عمره بفتاه ساقطه كان يقضي معها وقته، وانتهى بالزواج السري من فتاة صغيرة جديدة في العمل.
الرواية كلها كانت تدور حول شخصية عثمان بيومي بإحكام شديد، لدرجة أنه لا مشهد يخلو من وجودة، كل الفقرات

 

استمارة التقديم

اترك تعليقاً